جرت العادة على أن الاستثمار في الأراضي الفلسطينية يحمل درجة عالية من المخاطر السياسية والاقتصادية. ولكن الإدراج الناجح للمزود الثاني في قطاع الاتصالات المتنقلة الفلسطيني يدعونا للنظر عن كثب إلى إمكانية الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.

شهد عام 2011 مع إدراج أسهم شركة الوطنية موبايل و مقرها رام الله للتداول في البورصة الفلسطينية في نابلس إكمال أحد أكبر وأنجح الاكتتابات الأولية العامة (”الاكتتاب“) من قبل شركة فلسطينية خلال العشر سنوات الماضية. وحقق الاكتتاب نجاحاً ساحقاً حيث جذب طلب قوي من قبل المستثمرين الأفراد الفلسطينيين والمستثمرين الدوليين. ووفر الطرح الذي يعادل 15 ٪ من إجمالي رأسمال شركة الوطنية موبايل للاكتتاب حصيلة إجمالية تبلغ 50.3 مليون دولار أمريكي مما أثار موجة من الدعاية الإيجابية.

وقد تركز اهتمام المستثمرين الدوليين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى حد كبير في السنوات الأخيرة على أسواق ذات استقرار ونمو في منطقة قد توصف عموماً بالمضطربة كأسواق المملكة العربية السعودية ودول الخليج بالإضافة إلى إسرائيل وتركيا. ولكن مع تزايد نضوج هذه الأسواق، وكون جزء واسع من المنطقة يعاني من الاضطرابات السياسية أو العقوبات الدولية، تركز الإهتمام على الأسواق الواقعة في المناطق المستقرة نسبيا أو التي – كما هو الحال في الأراضي الفلسطينية – يكون فيها عدم الاستقرار خطراً مألوفاً نسبياً ومشمولاً في تقييم السعر.

شركة الوطنية موبايل هي المشترك الثاني في قطاع الهاتف المحمول في الأراضي الفلسطينية، وتعمل بموجب ترخيص صادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات داخل السلطة الفلسطينية. وقبل الاكتتاب الأولي العام، كان مساهمو الشركة هم شركة اتصالات قطر كيوتل بنسبة ملكية بلغت 57٪ (انخفضت بعد الاكتتاب إلى 48٪) وصندوق الاستثمار الفلسطيني (وهو صندوق للثروة السيادية التي وضعتها السلطة الفلسطينية) بنسبة 43٪ (انخفضت بعد الاكتتاب إلى 37 ٪).

وقد كان الاكتتاب أحد متطلبات رخصة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لضمان فرصة الامتلاك المباشر في الشركة من قبل المستثمرين الأفراد الفلسطينيين. كما لم يتم وضع أية قيود من قبل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على المستثمرين الأجانب ولذلك حرص المساهمون المؤسسون على عرض الطرح لمستثمرين دوليين متمرسين (بما في ذلك المستثمرين في أراضي الشتات) بالإضافة إلى الأفراد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.

وعليه لم يكن هناك مفر من إجراء الاكتتاب وتوثيقه بطريقة تلبي التوقعات على الصعيدين المحلي والدولي. مع العلم بأن الاكتتابات الفلسطينية السابقة قد تم إجرائها بما يتماشى مع المتطلبات البسيطة نسبياً لهيئة سوق المال الفلسطينية عن طريق وثيقة إصدار قصيرة باللغة العربية. ومثل طرح شركة الوطنية موبايل معيارا جديدا في تطوير أسواق المال الفلسطينية، حيث أجريت عملية الاكتتاب اعتماداً على الإعفاء الوارد في النظام S بموجب قانون الأوراق المالية الأمريكي لعام 1933. وقد تم إصدار نشرتي إصدار واحدة نظامية باللغة العربية وفقاً لمتطلبات هيئة سوق المال الفلسطينية ولصالح المستثمرين الأفراد الفلسطينيين، وأخرى باللغة الإنجليزية لصالح المستثمرين الدوليين. كما تم أيضاً إصدار كتيبات تسويق قصيرة وافقت عليها هيئة سوق المال الفلسطينية وذلك للاستخدام المحلي كجزء من التسويق للطرح على المستثمرين الأفراد الفلسطينيين.

وقادت الإدارة العليا بشركة الوطنية موبايل الفريق العامل على الصفقة مع مساهمة كبيرة من قبل شركة كيوتل وصندوق الاستثمار الفلسطيني. وكان بنك إتش إس بي سي هو البنك الرئيسي للاكتتاب وقد أوفد فريقا قويا من مقره في دبي بينما قدمت مجموعة العربي للاستثمار، وهي شركة تابعة للبنك العربي، الدعم المحلي. وقد قام مكتب ليثم آند واتكنز في دبي بدور المستشار القانوني الدولي للاكتتاب بينما قام مكتب عمرو وشركاه للمحاماة في رام الله بتقديم المشورة فيما يخص القانون واللوائح المحلية الفلسطينية.