لقد حققت صكوك المضاربة التي طرحتها سبكيم مؤخراً نجاحاً ملحوظاً من قبل مردودها المالي من جهة ومن حيث طريقة هيكلتها من جهة أخرى. وقد مثل التمويل بذلك إضافة كبيرة للأدوات المتوفرة لمديري الشئون المالية للشركات في المملكة العربية السعودية. يتطلب إصدار صكوك في العادة ما يلي:

  •  أن تتوفـر لدى الجهة المصدرة للصكوك أصول مادية خالية من أية أعباء.
  •  أن تكون تلك الأصول المادية متوافقة مع الشريعة الإسلامية (بحيث لا تتعلق بمصدر غير شرعي كتجارة الكحول أو  الخنازير أو الميسـر أو غيره من المصادر غير المشروعة الأخرى).
  •  أن تكون ملكية المصدر أو البائع لتلك الأصول المادية ملكية مباشرة أو غير مباشرة.
  •  أن تكون القيمة التقديرية للأصول أكبر من مجموع القيمة الاسمية للصكوك المصدرة أو مساوية لها.

وفي حالة سبكيم، لم يكن من السهل استيفاء المطلب الأول الوارد أعلاه حيث كان على الشركة أعباء على المستوى التشغيلي وكانت أصولها المادية قليلة نسبيا لكونها شركة قابضة. وعليه، كان من الضروري توسعة قاعدة الأصول المادية لسـبكيم  على نحـو يلائم الهيكلة الشـرعية. فكيف تم تحقيق ذلك؟

لقد وفرت صكوك المضاربة المصدرة من قبل البنك السعودي الهولندي والتي أغلقت في نهاية عام 2008م خلفية مفيدة، حيث لم تستند صكوك المضاربة تلك على الأصول المادية القليلة نسبياً بل على حصة الملكية المشاعة لكل حامل صكوك في أعمال المصدر الحاضرة والمستقبلية. ومن الأمثلة الأخرى الإصدار المبتدع لصكوك شركة اتحاد اتصالات (موبايلي) لعام 2007 المستندة على ”زمن المكالمات“.  حيث تتألف معظم الأصول المادية لشركة موبايلي من أجهزة شبكتها (وهي محدودة للغايـة من ناحية القيمة لدعم قروضا كبيرة) وترخيصها التشغيلي (المقيد نظامياً في استخداماته). فلذلك لجأت شركة موبايلي إلى البيع المقدم لـ”زمن المكالمات“ أو ”الدقائق“ إلى المستثمرين بصفتها الموزع نيابة عن المستثمرين لتلك الدقائق إلى عملائها، مع شمول البيع المدرج للدقائق لعنصر تكلفة إضافي مبني على معدل الربح فيما بين البنوك في المملكة العربية السعودية (سيبور).

وقد اتضح عند هيكلة صكوك المضاربة لشركة سبكيم، أن الأصول الرئيسية القابلة للتمويل هـو حق استلام الأرباح ومبالغ التوزيعات الأخرى من الشركات التابعـة لسبكيم بمجرد الوفاء بمتطلبات التوزيع على مستوى شركات المشاريع التابعة لسبكيم. ويتضح جليا من انتزاع رأس المال بتلك الطريقة واستعماله كأساس للصكوك مدى التقدم الفعلي في أوساط علماء الشريعة من ناحية قبولهم لأصول غير مادية كأساس  لأدوات  أسواق المال الإسلامية، كما أنها مؤشر للتطـور المطرد لسوق المملكة العربية السعودية.

وقد تم تعريف أصول المضاربة كما يلي:

”حصة ملكية مشاعة في أعمال سبكيم الحاضرة والمستقبلية (وتشمل، من ضمن أشياء أخرى، حق استلام حصة في أي أرباح وأي مبالغ توزيعات أخرى من أي من الشركات التابعة لشركة سبكيم عند تسلم سـبكيم لها باستثناء حصص أو أسهم الشركات التابعة لشركة سبكيم أو أي حق ملكية فيها أو أي حقوق تصويت متعلقة بها)“.يمكنكم الاطلاع على نسخة من نشرة الإصدار هنا.

بالرغم من أن السوق الثانوية حالياً تفتقر نسبيا للسيولة، إلا أن انجذاب المستثمرين للأوراق إن دل فإنما يدل على أن إصدار الصكوك يمثل على نحو متزايد قيمة مساوية (إن لم تكن أفضل) للشركات التي تبحث عن تمويل متوسط أو طويل الأمد عند مقارنتها  مع قروض البنوك التجارية. ونتيجة لنمو قاعدة المستثمرين من المؤسسات (كنمو سوق التأمين) وللتوجهات نحو السماح للمستثمرين من خارج دول مجلس التعاون الخليجي بدخول سوق الصكوك ولتسارع توحيد المستندات المتعلقة بإصدار الصكوك ولتواجد سوق للقروض يبدو معزولا نسبيا من العدوى التي تصيب الدول الأوروبية حاليا، فإن سوق المملكة العربية السعودية سيكون مكانا نشطاً للمؤسسات المالية والمحامين في السنوات القادمة.