تحتضن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 14 بلد من بين 33 بلد تعاني من ندرة المياه على مستوى العالم حيث يقل توافر المياه فيها بمعدل 6 مرات عن متوسط توافرها حول العالم وتقل نسبة مصادر المياه المتجددة فيها بمعدل 2% عن بقية العالم. تُصنف دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) – البحرين، والكويت، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وعمان – ضمن أكثر 10 دول معاناةً من ندرة المياه هذا وتتفاقم أزمة المياه في المنطقة بسبب الانفجار الديموغرافي خاصةً في دول مجلس التعاون الخليجي التي تُعد ضمن أعلى الدول في معدلات استهلاك المياه للفرد الواحد في العالم. وعلاوة على ذلك، يتوقع البنك الدولي بلوغ توافر المياه النصف للفرد بحلول عام 2050 مما يشير إلى عدم تمكّن معظم البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تلبية الاحتياجات الحالية من المياه بصورة مستدامة.
يستهلك القطاع الزراعي في دول مجلس التعاون الخليجي 85% من المياه نتيجة للري الكبير وبالرغم من نقص مصادر المياه ونضوبها؛ إلاّ أنّ أسعار مياه الري عادةً ما تكون دون التكلفة بالإضافة إلى ذلك، فإنّ وجود شركات الطاقة الفرعية في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يؤدي إلى عدم دفع أي رسوم لإستخدام المياه الجوفية نظير نقل المياه السطحية وضخ المياه الجوفية.
وبالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، يُشكل التغير الديموغرافي السريع والتصنيع المستمر ضغطاً على مصادر المياه الشحيحة في دول مجلس التعاون الخليجي والذي يؤثر في التغير المناخي أيضًا ممّا يُفضي بدوره إلى زيادة استنفاد مصادر المياه العذبة في المنطقة. فقد أدى التطور غير المسبوق في دول مجلس التعاون الخليجي إلى تغيرات ديناميكية في الإشعاعات وسطح الأرض واستهلاك الموارد. ونتيجةً لذلك، تعاني المنطقة من ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات التبخر، وهو الأمر الذي يصاحبه انخفاض معدلات هطول الأمطار بنسبة 20% وزيادة معدلات تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجويكماتشكّل هذه التغييرات المناخية تهديداً كبيراً على الأمن المائي في الشرق الأوسط و في شمال أفريقيا.
تلبية المطالب
في ظل المخاطر التي تُهدد الأمن المائي، لجأت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تحلية المياه لتلبية المطالب المتزايدة وعلى الرغم من تقدّم استخدام الوسائل المبتكرة لمعالجة انخفاض هطول الأمطار في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال عمليات تلقيح السحب للاستمطار على مدى السنوات القليلة الماضية، فقد ظلت دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد اعتماداً كبيراً على المياه المحلاة، هذا ويُذكر أنّه توجد نسبة 75% من المياه المحلاة في العالم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتركز ما يصل إلى 70% من إجمالي هذه النسبة في دول مجلس التعاون الخليجي.
ابتكار الحلول لمصادر المياه
في ظل مواجهة الاستهلاك المتزايد بشكل مستمر، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي تشجيع الصور البديلة لمصادر المياه والطاقة مع الحفاظ على الموارد الشحيحة في سبيل تلبية المطالب المستقبلية بصورة مستدامة. وعلاوةً على ذلك، فإنّ الأمن المائي يحث على المراقبة والإدارة الأكثر فعالية لموارد المياه.
تتضمن البدائل نقل المياه عبر البر على مدى واسع ولمسافات قصيرة من أجل تلبية عجز المصادر المائية. وبالرغم من إمكانية استفادة هذه العملية من البنية التحتية الكائنة، إلاّ أنّها غالباً ما تُعتبر مُكلفة وتواجه عقبات التراخيص وعقبات الجغرافية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يُلحق نقل المياه ضرر بالأنظمة البيئية وجودة المياه وأنظمة تدفقها.
هذا وقد برز نقل المياه العذبة أو الرمادية المعالجة لمسافات طويلة تحت الماء إلى المناطق التي تعاني من ندرة المياه باعتبارها بديلاً عملياً. كما تشكّل حلول الاستهلاك المنخفض للطاقة وعدم تصريف المياه المالحة جنباً إلى جنب مع إعادة التعبئة المحتملة للخزانات و“النهر المغمور” ميزة بيئية، فهي قادره على تلبية الاحتياجات الحضرية والزراعية المكافئة لعدة محطات تحلية مياه دون المساس بمدة التنفيذ فضلاً عن تميّزه بنفقات التشغيل والصيانة المحدودة.
تأمين مصادر مستقبلية
من المتوقع أن يستمر نضوب مصادر المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظل الضغط المتزايد الذي يفرضه التغير المناخي والضغط السكاني والإنتاج الزراعي على مصادر المياه. وبالرغم من أن تحلية المياه قد سدت الفجوة بين العرض والطلب، إلاّ أنّه ثمة حاجة إلى اكتشاف مزيد من البدائل لضمان تلبية المطالب المستقبلية بصورة مستدامة ويُعد “النهر المغمور” أحد الخيارات المحتملة.
اقرأ المزيد عن مشروعات المياه في دول مجلس التعاون الخليجي:
انطلاق مشروعات المياه والطاقة الكويتية عقب إصدار لوائح الشراكة بين القطاعين العام والخاص
مضي المشروعات الكويتية قدماً عقب إصدار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص
نهوض مشروعات المياه المستقلة في الشرق الأوسط في ظل تزايد الطلب على المياه