شهد شهر فبراير انطلاق عملية مبادلة الديون السيادية لجمهورية اليونان، والذي بموجبها دُعي حاملي ما قيمته 206 مليار يورو من سنداتها لمبادلة مساهماتهم الحالية بحزمة من السندات بقيمة اسمية 46.5% فقط من القيمة المعلنة لسنداتهم الحالية. وقد تم تعزيز الدعوة للاشتراك الاختياري في مبادلة الديون، الخوف من استخدام البند الشرطي للعمل الجماعي بأثر رجعي، الذي سنّه البرلمان اليوناني قبل فترة قصيرة من طرح الدعوة، والذي قد يتيح لليونان في بعض الظروف المعينة إجبار حملة السندات المعارضين بقبول هذه الشروط.
يعد هذا الأمر بمثابة رسالة تذكير موجهة في الوقت المناسب، إذا تطلبت احد الجهات ذلك، بشأن عمليات التمويل المحفوفة بالمخاطر للكثير من الصناديق السيادية في منطقة اليورو والضغوطات ذات الصلة على المقترضين التجاريين في منطقة نفسها. وقد حثت بنوك منطقة اليورو التي تطرح القروض المقيمة باليورو أو المتعرضة للمخاطر بشكل كبير بسبب هذه الصناديق السيادية أو المقترضين بشكل علني ، على النظر في إمكانية حدوث تقصير وإخلال سيادي بمنطقة اليورو بما في ذلك إمكانية مغادرة أي دولة من الدول الأعضاء للمنطقة أو انهيار منطقة اليورو بأكملها.
رغم ذلك، حتى البنوك في منطقة الشرق الأوسط البعيدة كل البعد عن التعرض للمخاطر ، قد ترغب في التروي والتفكير مليا في مستندات تمويلهم وتحديثها للاستفادة من الدروس المستخلصة من الأزمة التي تعانيها منطقة اليورو حتى هذه اللحظة. ويتمثل أحد هذه التحديثات في تعريفات مصطلح ”الاستثمارات المسموح بها“ (والتي تشير أحياناً إلى ”الاستثمارات المصرح بها“) ومصطلح ”معادلات النقد“. حيث إن هذه التعريفات عادة ما تحدد فئات السندات المسيلة التي يصرح بموجبها للمقترض بإجراء الاستثمارات كجزء من مهمتها في إدارة أسهم الخزانة والتي تعامل في كثير من الأحيان على أنها معادل للنقد لأغراض اختبار التعهدات المالية، فعلى سبيل المثال فإنه من الممكن أن تتضمن ”الاستثمارات المسموح بها“ و ”معادلات النقد“ بشكل نموذجي الفئات التالية من الاستثمارات:
أ- شهادات الإيداع قصيرة الأجل الصادرة من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى؛
ب- الأوراق التجارية قصيرة الأجل الصادرة من الكيانات التجارية العاملة في بعض الاختصاصات المحددة والمعينة؛ و
ج- الاستثمارات المسيلة في بعض صناديق الأسواق المالية.
فإن كل حالة من هذه الحالات، تشترط أن يلبي الاستثمار ذا الصلة الحد الأدنى من متطلبات التصنيف الائتماني.
كما ستتضمن ”الاستثمارات المسموح بها“ و ”معادلات النقد“ التزامات الديون القابلة للتداول في السوق الصادرة أو المضمونة من الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة أو أي دولة أخرى من دول الأعضاء المشتركة في الاتحاد الأوروبي. إلا أنه، على النقيض من الفئات الأخرى من ”الاستثمارات المسموح بها“ و ”معادلات النقد”، فلن يشترط عادة أن تلبي الاستثمارات في التزامات الديون القابلة للتداول في السوق الحد الأدنى من متطلبات التصنيف الائتماني لترتقي بدورها إلى ”استثمارات مسموح بها“ و ”معادلات النقد“، الأمر الذي يعكس فرضية ضمنية تنص على أن التزامات ديون تلك الصناديق السيادية كانت مسيلة بشكل فعال وأقل تعرضاً لمخاطر التقصير والإخلال، وبذلك يكون الحد الأدنى من متطلبات التصنيف الائتماني أمراً غير ضروري.
لقد غيرت أزمة منطقة اليورو هذه الفرضية، وأتيحت الفرصة للكثير من البنوك بضغط مستنداتها المالية لتطبيق الحد الأدنى من متطلبات التصنيف الائتماني على التزامات الديون للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، (وبالفعل أيضاً التزامات الدين في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة) كما تم تطبيقه على الفئات الأخرى من ”الاستثمارات المسموح بها“ و ”معادلات النقد“.
وفي الأخير، فإنه في الوقت التي لاتزال فيه أزمة منطقة اليورو مستمرة في إلقاء الضوء على المعضلات المالية الرئيسية، عدد قليل من المقترضين لديهم الأسباب اللازمة لمقاومة هذه التعديلات.
الصورة: معرض دريمزتايم للصور الفوتوغرافية